بدون تهويل ولا تهوين ، ولا مبالغة أو مباغتة ، أرى ان المنتخب الجزائري يستحق كل تقدير علي مشاركته المونديالية في جنوب افريقيا ، وقد شعر بأداء الفريق أغلب المتابعين العرب ، وبألاخص الجزائريون الذين يهمهم في المقام الاول، أمر منتخبهم وحسن تمثيله لبلاده ، ولذلك فقد قرأت في معظم وكالات الانباء عن استقبال شعبي ورئاسي للفريق تقديراً لروح الاداء وجسارة العطاء والتمثيل المشرف .
ولست ممن ينافقون المنتخب الجزائري ويطبلون له لغرض في النفس ، ولست أيضا ممن يحقدون علي هذا المنتخب و يترصدون له لهوي في الخاطر ، ولذلك أشيد بعطاء هذا الفريق في المونديال بعيداً عن التحليل الاحصائي لنتائجه ،ويكفي ان هذا الفريق نجح في تسجيل انطلاقة عملاقة لعملية بعث الكرة الجزائرية المختفية عن الساحة الافريقية منذ ما يقرب من ربع قرن ، كانت قبلها ملء السمع والبصر ، ثم اختفت ببريقها ونجومها في نفق طويل ، ولم تظهر ليس في نهائيات المونديال فقط ، بل أيضا في نهائيات كأس الامم الافريقية لثلاث او اربع دورات، ومع بدء مرحلة نهضة وبعث جديد ، كان الحلم ان تتأهل لنهائيات الامم الافريقية ، ثم كبر الحلم وتعملق وتحقق في الصعود للنهائيات المونديالية ، فكان إنجازاً في حد ذاته بغض النظر عن النتائج ومحصلة المشاركة وكان ذلك امراً يستحق الاشادة والتكريم والترحيب الاعلامي العربي .
ورغم عدم براعة النتائج في المباريات الثلاث فيما عدا التعادل القوي مع المنتخب الانجليزي الكبير ، فإن روح الاداء القتالية والثقة بالنفس ، جعلت الفريق متماسكا رغم خسارته بهدف امام سلوفينيا في البداية ، وأمام الولايات المتحدة في النهاية بهدف الوقت الضائع ، ولكن الفريق كان مشرفاً في مستواه ، فلم يصبه انهيار او رعب من الاسماء الكبري ، ولم يخسر بالثلاثة او الاربعة ، ولم يكن نكتة أو "مسخة " ، كما حدث لمنتخبات كبري أعرق وأكبر مثل المنتخب الفرنسي.. وهذا ما يجعلني معتزاً بالمنتخب الجزائري الشقيق .
أما قصة المبالغة والتهويل والملحمة والدفاع عن سمعة الكرة العربية والاسلامية ، والتي أطلت علينا بها برامج وفضائيات تذكرنا بأبواق الستينيات وصوت العرب في النكسة ، فهذه مرحلة ولت ومضت من التاريخ، العربي وأصبح العالم العربي ورجاله وحتي أجياله الجديدة من الاشبال والشباب يعرفون تماما كيفي يزنون المعلومة والبرنامج والتغطية الصحفية والتليفزيونية ويدركون بوعي شديد معني الموضوعية والاداء المهني ، والفرق بين ذلك وتنفيذ أجندة دعائية حافلة بالنفخ و النفاق والتطبيل ، لسبب معلوم ، ولا يخفي علي أحد ، بل وبكل أسف بهدف زيادة الفرقة ، والتناحر العربي وليس إصلاح ذات البين .
وعموما فقدت انتهت مشاركة المنتخب الجزائري في المونديال علي خير ، وعلي من يحبون هذا المنتخب بصدق ، أن يصدقوه الرأي والتحليل ، ويوضحوا له الطريق بقراءة الاحصائيات والمقارنات الفنية ومعدلات الاداء وعملية التقويم الفنية السليمة، والحمد لله أن أدوات التحليل متوفرة علي موقع الفيفا ولجنته الفنية وعبر أراء كبار النقاد الفاهمين وخبراء الكرة العربية المحترمين ، وكذلك الخبراء الكبار الذين جلبتهم قناة الجزيرة الرياضية في تغطياتها العميقة والفريدة للمونديال ..وأنا شخصياً اكتفيت بقول وجهة نظري المبدئية وانطباعاتي الاساسية ، تاركا مهمة الغوص في تحليل أداء المنتخب الجزائري لمن هم أقدر مني وخاصة من خبراء كبار في الكرة الجزائرية أعتز بهم وبقيمتهم الفنية .. وأتمني لهم وللكرة الجزائرية والشعب العربي الشقيق هناك كل نجاح وتوفيق
بقلم عزالدين الكلاوي