المتتبع لمختلف القنوات الإعلامية المصرية، يجزم بأن الإعلام المصري قد خرف، أو دخل في عالم اللاشعور، ويتجلى ذلك في التناقضات العجيبة والغريبة لما يكتب وما يقال عبر مختلف القنوات صباح مساء، فقبل مباراة الخرطوم كان الإعلاميون المصريون يتغنون بالأسبقية والأفضلية على الجزائريين في اللعب في بلد مجاور، يتقاسمون معهم ماء النيل، وفيها جالية مصرية كبيرة، ومصر هي من اختارت أرض السودان لمقابلة الحسم، والأكيد أن السودانيين سيساندون الفراعين غير مبالين، بالروابط الدينية والقومية بين الجزائر والسودان، وما إن حكم الميدان بين المتنافسين وفاز الفريق الجزائري في أم درمان حتى أصبح اختيار بلد شقيق وعريق مثل السودان خطأ استراتيجيا تسبب في: أولها نكسة ,1967 وثانيها توقيع اتفاقيات كامب ديفيد اللعينة، ثم الدخول في مفاوضات واتفاقيات أوسلو المذلة والعقيمة، وما تبع ذلك من استباحة للأراضي والدماء العربية في فلسطين ولبنان وسيناء. وها هو الخرف الإعلامي في مصر يعتقد بأن الجزائر هي التي طبّعت مع اليهود، فتقول إن الآلة الإعلامية اليهودية قد سخرت لخدمة المصالح الجزائرية، ليقتنع العالم وبسرعة البرق بأن مصر هي المعتدي والجزائر ضحية، وذلك خدمة للمصالح الاقتصادية لإسرائيل على حساب المصرية، فهلا تساءلوا عن جدوى التطبيع مع إسرائيل في هذه الحالة، ولذلك ربما استدعي الرئيس الإسرائيلي على الفور إلى مصر للاستفسار والتشاور)..
ويقولون إن إيران قد ساهمت في نسج هذه المؤامرة لصالح الجزائر ضد مصر، خدمة لمشروع الأمبراطورية الفارسية، وقد وجه على إثـرها جلالة الرئيس المصري رسالة تهديد ووعيد لإيران. وكذلك تواطأت قناة الجزيرة الفضائية، فاشترت حقوق البث لتتستر عما سيحدث للمصريين لاعبين ومشجعين في أم درمان، ولن تجد الاتحادية المصرية أي دليل مادي للإدانة، ولذلك قد تم مقاطعة هذه القناة من قبل المصريين، وأخذت على عاتقها قناة البراكين عفوا الفراعين المسؤولية في تعويض تلك القناة العالمية المحترفة والأدرى بالمصالح المصرية من تسمى النخبة المصرية..
وتكون بذلك الجزائر قد نجحت في التوفيق بين إيران وإسرائيل، من دون تطبيع ولا تجويع، ولا محاصرة أو محاصصة تتعارض والمشروع العربي والإسلامي. ومحافظة على العلاقات التي تربطها بإيران، وثباث مواقفها من اليهود، ومساندة فلسطين ظالمة أو مظلومة، والوقوف مع الصف العربي إزاء كل تهديد من قريب كان أو بعيد.
المصدر : عبد الله.ن