مقالع الحجارة تغزوا مرتفعات الونشريس............لا مجال للسياحة الجبلية
إن السياحة الجبلية تلعب دورا أساسيا في التنمية -الإقتصادية، وذلك من خلال توفيرها لفرص الشغل وإنعاش الاستثمارات المرتبطة بهذا القطاع، فهي تساهم في إقران البعد البيئي بالنشاط الاقتصادي والتنمية الاجتماعية وتوجيه هذه التنمية إلى المناطق الجبلية التي لا تزال في حاجة إلى بذل المزيد من الجهود لتأهيلها من أجل تحسين ظروف عيش سكان المناطق الجبلية.
إن السياحة الجبلية تعد رافدا ومحركا لعجلة التنمية المحلية، وذلك من خلال إحداث مشاريع اقتصادية مدرة للدخل بمساهمة المهنيين المنتسبين إلى القطاع الخاص والفاعلين الاقتصاديين والجمعيات، بالإضافة إلى إشراك سكان المواقع السياحية الجبلية وإدماجهم في التخطيط الاقتصادي وتحسيسهم بأهمية المحافظة على التنوع البيئي ومحاربة التلوث...
تحتوي بلدية برج بونعامة على مختلف مظاهر الجمال الطبيعي ومنها جبال الونشريس ذات القمم الثلجية والغابات. ولذلك ينبغي أن تشكل هذه البلدية وجهة طبيعية للمهتمين بالسياحة الإيكولوجية أو ما يسمى بالسياحة الجبلية. ومع ذلك فإن طاقات البلدية للسياحة الإيكولوجية ما زالت لم تستغل على نطاق واسع.ومازالت السياحة الجبلية مهمشة ليس في هذه البلدية فحسب بل وعلى المستوى الوطني .
وهذا راجع إلى أن السياحة الإيكولوجية أو الجبلية ما زالت غير معروفة في بلادنا بالرغم من وجود طلب كبير على هذا النوع من السياحة .
إن النهوض بهياكل التوريد الأساسية وتنسيقها لتهيئة الونشريس لسوق السياحة الإيكولوجية أو الجبلية يعتبر أمرا أساسيا وذلك من خلال بناء شبكات النقل ومرافق إيواء السياح في المناطق الجبلية هذا مع مراعاة تكملة المناظر الطبيعية الخلابة عند إنجاز هذه المرافق، إضافة إلى إعادة تحديد معالم الطريق في القري والغابات.
وعلى العكس تماما مما هو مطلوب إذ إن المشاريع التي سمحت بها السلطات المحلية والتي بدأت تنتشر في مرتفعات الونشريس والبعيدة تماما عن كل رقابة تهدد البيئة في هذه المناطق وأنا أقصد مقالع الحجارة التي غزت المنطقة حتى غدت مقالع الحجارة اكثر من الحجارة، وإذا لم تتخذ السلطات إجراءات حقيقية وجادة لحماية البيئة المهددة في الونشريس فإن النظام الإيكولوجي في المنطقة حتما سينهار.
إن مقالع الحجارة تلوث الهواء بالأغبرة الناتجة عن عمليات التجريف والطحن والغربلة والتعبئة وحركة الآليات والشاحنات بسبب تطاير الغبار الذي يحتوي على جزيئات دقيقة تحدث ضرراً بصحة المواطنين والنبات والحيوان وعلى مجمل النظام البيئي.
كما إن هذه المقالع وعلى كثرتها تشوه المنظر العام والقيم الجمالية للطبيعة نتيجة لإنعدام الرقابة والإنتشار العشوائي لهذه المقالع مما أدى إلى تشويه المنطقة بالكامل ، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل إن واحدا من المدمرين أو المستثمرين قام بتجريف مساحة غابية كاملة تعادل مساحة ملعب كرة قدم أو تزيد عنه بقليل ثم قرر المغادرة دون التفكير أو القيام بإعادة تأهيل هذه المساحة التي قام بتجريفها وبقاؤها على هذا الحال حتما سيؤدي إلى أضرار وخيمة على النبات والحيوان وسيؤدي أيضا إلى الإخلال بالنظم البيئية نتيجة أعمال التجريف التي ينتج عنها إضرار بالقشرة الأرضية وتدمير الغطاء النباتي والتربة والثروة الحرجية، هذا بالإضافة إلى الأخطار الناجمة عن أعمال التفجيرات بالنسبة للمنازل والأبنية القريبة من المقالع الحجرية نتيجة الاهتزازات والتصدعات والإضرار بالصحة والسلامة العامة للمواطنين لقرب هذه المقالع من الأبنية السكنية ,
وتجدر الإشارة إلى أن جميع المقالع القائمة لم يتم عمل أو إجراء أي تقييم أثر بيئي لها سواء من الجهات المختصة أو من أصحابها وإن وجد هذا التقييم فهو بعيد تماما عن الواقع , فالبيئة المحيطة بالمقالع أغلبها مناطق زراعية تزرع بأشجار الزيتون وغيرها من الاشجار المثمرة وأيضا هي قريبة من المناطق السكنية َإضافة إلى أنها أنشأت في محل مناطق غابية خضراء. وإن جميع المقالع والمحاجر ستنازع التجماعات السكنية القريبة في المياه التي تستخدم في هذه المقالع مع العلم أن المصدر الأساسي للمياه في هذه المنطقة هي المياه الجوفية والتي حتما ستتضرر جراء تفجير الديناميت في المقالع.
وان جميع المخلفات الناتجة عن المقالع والمحاجر هي مخلفات صلبة من حجارة وأتربة غير جيدة لاستخدامها في البناء أو في أي مجال أخر.
إن أصحاب المقالع يرون أنه لا تاثير للمقالع والمحاجر على البيئة من حيث التلوث السمعي أو التلوث البصري ولقد تبين أن جميع المقالع والمحاجر لا تتوافر على أي إجرا خاص بحماية البيئة والثروة النباتية .
وأول مايمكن أن يلاحظ هو وجود تلوث على النباتات والأشجار ناجم عن الغبار المتطاير من المقالع بشكل كثيف مما يؤدي إلى تركيزه على الأوراق وإغلاق المسامات وإعاقة عمليات النتح والتبادل الغازي وعمليات التلقيح مما ينتج عنه انخفاض في معدلات النمو والتكاثر لهذه النباتات والأشجار.
إن عمليات المتابعة والرقابة لتطبيق الأنظمة والقوانين المتعلقة بأعمال المحاجر والمناجم غير كفوءة وغير فعالة بشكل جيد نظراً لعدم توفر الكوادر الكافية وعدم توفر الإمكانيات الفنية والمادية وغياب تعاون الجهات الرقابية ذات العلاقة بشكل فعال وغياب الوعي لدى المواطنين بالمخاطر التي قد تنشأ من جراء مقالع الحجارة الأمر الذي يفسر عدم وجود تحرك من قبل المواطنين المتضررين منها حاليا أو المتضررين المستقبليين.ويوجود في المقالع عمل غير منظم وعشوائي ومبني على نظرية الربح الشخصي السريع الذي يسبب هدر للخامات والثروات الطبيعية في هذه المناطق التي لها قيمة عالية لا يمكن مقارنتها مع الربح الشخصي الذي يحققه المخالفون للأنظمة والقوانين المعمول بها في هذا المجال مما يؤثر سلباً على هذه المناطق والمناطق المجاورة في االمستقبل.
إن هذا الاستثمار العشوائي وغير السليم للمقالع في منطقة الونشريس والمرتبط بالثغرات الموجودة المتعلقة بحماية البيئة يؤدي إلى وجود كل أنواع التلوث من التلوث السمعي المتمثل في الضجيج والتلوث البصري المتمثل في تشويه المنظر العام للمنطقة والتلوث الهوائي نتيجة الغبار المنبعث من المقالع إضافة إلى تلوث المياه السطحية في المنطقة والتي يستغلها السكان للسقي وكمورد مياه للمواشي والأبقار، وكل هذا في الأخير يؤثر أيضا على القيمة المادية للعقارات.
وعليه أرجوا من السلطات المعنية والتي لها صلاحيات في هذا المجال التدخل للحفاظ على ما تبقى من الأراضي الصالحة الزراعية، ولحماية مصادر المياه من التلوث وتدهور نوعيتها.والى ضرورة إجراء دراسات الأثر البيئي لأي مشاريع تتعلق بالمقالع والمحاجر مستقبلاً لوضع الضوابط القانونية والبيئية لمثل هذه المشاريع.والى ضرورة استعمال الطرق الحديثة للحد من الآثار الناجمة عن تشغيل المقالع والمحاجر (الغبار، الدخان، الضوضاء،… إلخ)وإلى ضرورة قيام الوزارات المعنية كالبيئة والفلاحة والسياحة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني بالعمل على تنفيذ مشاريع بيئية لإعادة تأهيل أماكن المحاجر والاستفادة منها بأي مشاريع تنموية وبيئية وإلى تشجيع إقامة الأحزمة الخضراء على جوانب الطرق للتخفيف من الآثار السلبية للمقالع وإلى ضرورة نشر التوعية البيئية.
كما أدعوا الى ضرورة إعادة تأهيل المقالع المستغلة وزراعتها بالأشجار لما لهذه الأشجار من قدرة على تنقية الهواء من التلوث وإضفاء فسحة جمالية وإلى ضرورة مراعاة الدقة في عمليات منح ترخيص المقالع لتكون متواكبة مع عمليات التخطيط المستقبلي للمدن ولمخطط استعمالات الأراضي وإلى ضرورة قيام وزارة البيئة بتطبيق أحكام قانون البيئة على المقالع المخالفة وإغلاقها بما يضمن وقف التدهور البيئي الموجود في المنطقة .
وأشير الى ضرورة وجود خطة مكثفة وجهود رقابية من جميع الجهات المختصة لوقف المقالع المخالفة وإغلاقها وإلى ضرورة قيام مشروع وطني لإعادة تأهيل مواقع المقالع في منطقة الونشريس كمرحلة أولى وثم تعميمها على مستوى مناطق البلاد والى ضرورة العمل على حماية الحياة البرية وبيئتها بمكوناتها النباتية والحيوانية والمحافظة عليها وعلى التوازن الطبيعي لأن تدهور الغطاء النباتي يؤدي إلى تراجع وتدهور التوازن الطبيعي والى ضرورة القيام بأبحاث حول أساليب حفظ التربة وتنمية الغطاء النباتي والى ضرورة تحديد مناطق معينة من قبل سلطة للتنقيب عن الحجارة، بحيث لا تؤثر على البيئة ولا تزعج السكان إذ يجب أن تكون بعيدة عن التجمعات السكنية وعن الغابات وأيضا عن المرتفعات الجبلية التي يمكن استثمارها في مجال السياحة البيئية.
وأناشد الجهات المختصة التدخل وإيجاد الحل للمشكلة التي باتت تهدد حياة السكان والحيوانات والنباتات والمنطقة بصفة عامة .
وتجدر الإشارة إلى أن المقالع التي تنتشر في منطقة جبال الونشريس وحدها تفوق الستة محاجر وهي منتشرة على حدود الغابة وفي وسطها وبجانب التجمعات السكنية.
بلي عبد الرحمان
العنوان: شارع محمد عادوم / برج بونعامة
ولاية تيسمسيلت
رقم الهاتف: الجوال/0661289629
الثابت والفاكس: 046494768