لهذه الأسباب يجب أن نشكر مصر
يجب أن نشكر مصر، التي هزمناها في الخرطوم في منافسة رياضية، لأنها توفّر لنا هذه الأيام فرصة لم نكن لنحلم بها.
فقد نجحت وسائل الإعلام المصرية المسموح لها بـ''النباح''، ببراعة أن تحرم المواطن المصري العادي حقه في الكلمة، وهو الذي لم يشاهده العالم ولم يسمع إلا رأيه، الذي يصب في موجة السب والشتم التي أطلقها نجل الرئيس، وعن طريق الهاتف. وبهذا يمكن القول إن هذا النجاح يمكن أن يعادل ما حققه غوبلز مسؤول الدعاية في النظام النازي في الحرب العالمية الثانية. ويعرف الناس كيف انتهت الحرب التي أعلنها هذا النظام.
لكن من جانب آخر يجب علينا نحن الجزائريين أن نتأسف للمصريين لأن مجرد فوزنا عليهم كشف كل عوراتهم للعالم. لأن البراعة في الشتم والحط من قيمة الشعوب والحضارات لا منزلة لها إلا ''الريادة في الانحطاط''. وهنا يجب أن نعترف بأننا نحن الذين تسببنا فيه لأننا هزمناهم في الخرطوم. فقد اعترفوا أنهم متعالين على العرب والمسلمين وإفريقيا، واعترفوا أن مسؤوليهم لا يحسنون تحضير ''حتى'' ملف كروي لحماية ما يعتبرون أنه حقّهم. وآخر اعترافاتهم خرجت من فم وزيرهم للداخلية. أما مجلس الشعب، والذي اعتبر ''تراكم القمامة في الشوارع دليلا على رفاهية الشعب''، وهو ما يعني، حسب هذا المنطق، أن العواصم والمدن النظيفة في العالم شعوبها تنقصها الرفاهية.
ومع ذلك من حق مصر علينا أن تطالبنا بالاعتذار، لأن الهدف الجزائري الذي سجله عنتر يحيى حرمها من الاستمرار في الكذب. والشيء الوحيد الذي سنأسف عليه في الأيام اللاحقة، هو عندما يتوقف هذا ''المسلسل المصري الطويل'' ونضطر إلى الرجوع إلى عاداتنا ورتابة يومياتنا، وتختفي تلك ''الشخوص الطيبة'' من الشاشات، ولا نجد ما يجمعنا في بيوتنا حول الشاشات التلفزيونية.
وأخيرا من حق مصر علينا أن تطالبنا بشكرها؛ لأن ما يحدث لآل مبارك والمجموعات المحيطة بها، لا بد أنه كشف للحكام الجزائريين أنهم لا يستطيعون أن يبنوا الجزائر بإقصاء الجزائريين، الذين بينوا في القاهرة وبعدها مباشرة في الخرطوم أن ''سمعة الجزائر في الخارج'' يصنعها كل الجزائريين.
المصدر :لحسن بوربيع